” لك وحدك ” .. اصدار شعري جديد لـ :هدى درويش ..يغني لحن الحب والوطن ../ فاديا الرفاعي *
بواسطة مسارب بتاريخ 31 مارس, 2013 في 09:16 مساء | مصنفة في أخبار ثقافية | تعليق واحد عدد المشاهدات : 6917.

 

يصدر للكاتبة الحسناء ” هدى درويش” خلال أسابيع قليلة تجربة شعرية أخرى تغني لحن الحب و الثورة و الوطن بالقاهرة بعنوان ” لك وحدك” , يحمل العمل بصمتي كاتبتين عربيتين إحداهما من بيروت و الأخرى من نابلس حيث أشادتا بهذا الانجاز المغرق في العاطفة و العميق حد الشجن…حيث أنّه من تقديم الشاعرة اللبنانية صاحبة “الأرجوان” الكاتبة نسرين ياسين بلوط التي أبدتْ إعجابا راقيا بعجب البيان و عذوبة التصوير… حيث تنحاز هدى كما في الإبداع النثري إلى التشبه بالأسلوب المهجري , فحضور المدرسة الطبيعية يضفي رونقا لا مثيل له …

————

كأطياف الليل
“يحاكيني القمر
بضوء مكتوم الأنين
يناجي دمعة العاشقين
و يبكي في الأفق البعيد
بضياء منقطع الوريد
لو تدري يا قمري البعيد
كيف أنّ الشوق يزيد
ليال ٍ بيم حين و حين”
أما عند الكاتبة الإعلامية و الصحفية التونسية المقيمة حاليا بنابلس بفلسطين , الأستاذة ” نجاة البكري” فقد أخذ الديوان في خاطرها منحى آخر أعطته اسم “ترانيم العشق النحيل” و قد جنتْ ملامحها النقدية من جنون أنامل درويش التي أصبحت كما قيل عنها … تكتب بروح نزارية في العشق و درويشية في الثورة و ما بينهما في حب الوطن … يتكون الديوان من أربع قصائد مطولة ليصل حجمه إلى ما يتجاوز المائة صفحة … أولها قصيدة ” أغنية التماثيل” التي تناجي القمر و الأرواح العاشقة و البوهيميات , أخذت فيها وصفات من غادة السمان و جرعات من ريشة أحلام مستغانمي الرائعة فقالت :

ترسم امرأة عارية الفؤاد
تستلقي على حجر
تحاور في الليل السواد
كالعاشق تأتيها
كالفارس الجواد
بين ضلوعك نبضٌ
و خريرٌ و واد
يا قبلة.ً..
تحرك ما في الجماد
تلقيها مع النسمات
على شفاهها و تذهب
يدّق جوادكَ الأرض
و يدّق الفؤاد معك …و تذهب
لتعود من جديد في ” أنا أورشليم” القصيدة الموعودة بأنْ تغنى بصوت عربي قريبا ( رفضت الكاتبة أن تفصح عنه) … و التي تغنت فيها بالحرية و عشق أرشليم عروس المدائن …. الى قصيدة ” عائدون” المليئة بالسحر و الترميز الى واقع عربي ممزق … يتجسد أكثر في قصيدة ” خريف القلوب العاشقة” التي تناولت الثورات العربية و شيئا من الحب … فقالت عن الشام :
كيف تسقط الشام
و التاريخ واقف…؟
و الموت فيها لا يفرّق
أئمّة من أساقف…؟
و هلال دمشق يبكي
و صليبها زاحف…؟
هنا…
نبض الأيام يدّق
هنا…
صوتٌ من أصداء دمشق
عطرٌ من أنفاس دمشق
وجه من قامات دمشق…
بوحٌ من أسرار دمشق …
من وهج أزقّتها
من أرواح الراحلين…
يبنى التاريخ هنا…
من شاي الياسمين
من حجر حواريها
من عراقة ما فيها
من قبل التاريخ…دفين

يا شام…
يا ضجري في مغامرة الغرق
يا شام …
يا سفينة من ورق
تحت ضرب النار تحترق
و تحت ضرب القدر
يا شام يا عازفة دمشقية الوتر
يا شام …
يا أرقي …
و يا أغنية المهيار …
يا شام …
ما بيَدي حِيَلٌ للأقدار
يا شام…
قد قتلوك و تركوني أنهار
تميز الديوان ببصمات جديدة كثيرة … فاهداؤه جاء ايضا في صورة “شعر”… و شيء كتب في صفحاته الأخيرة كخاتمة تحلل كل ما جاء فيه ببضع غبارات فقط… لتكمل الناقدة البكري نقشها على غلافه :
“لوحة فنيّة رسمتها الشاعرة هدى درويش حين غنّت في ديوانها “لـك وحدك” أغنية التماثيل بحروفها الشجيّة فاعتنقت الطبيعة , حاكتها ببراعة المُتألّم علّها تناجيها وتخفّف عنها وطأة “ترانيم عشقها النحيل” التي رغم ما أهدتها من أنغام الحب الصادق لتبعث فيها الروح إلاّ أنها خذلتها… و خلعت عن الفراشة الشاعرة ألوانها الزاهية لتبكي شقائق الأقحوان ضياعها وتعجز “حمائمها” عن تبليغ وجعها الثقيل.
“أغنية التماثيل” هي أغنية ترنحت خلالها شاعرتنا الشابّة في ديوانها الهائج بين هدير موج غاضب ورياح عاتية وخرير واد شارد وأشعة شمس حارقة ودموع بدَتْ خالدة على أمل أن تروي نبتة عشقٍ تمسّكت بجذورها فوجدت نفسها واهمة وهي تحاكي لوحة عابرة …كسلّة حاكها قصب النسيان عجزتْ تلك الدموع على إحيائها من جديد …من عبق ياسمين تستمدّ أمل التصافي حين غنّت هدى إلى تمثال واحد شكّل شجنها ملامحه وخلق منه تماثيل عدّة لتبحث في خباياها عن أمل…ناجتْ كل قطرة مطر لامستْ زجاج نوافذها لتنسجم مع دموعها على مرافئ الانتظار التي لوّحت لها بخوف من القدر ، قدرٌ “انطفأ في عينيه البريق” إلاّ أن الشاعرة أرادتْ أن تنطق جفونها سرّا برائحة الياسمين لتشاركها الأنين لوعة لا تبارحها وتطرب لسماع أنغامها حتى تحظى بحبّ من جفاها وهي تروم البحر بمدّه وجزره…بصمته وغضبه، بعطائه وغدره…ألِفَتْ لغته وألِفَ نبضَ قلبها فتواترتْ نوتات العزف بينهما حتى كدتُ أشعر أن البحر احتضنها وأطاعها ليبوح من خلال قصائدها بحالة عشق دائمة…عنيدة…فعلّمها الغوص بين موج العشق و خيبات الحنين …حينها سقطت متعبة وقررّت أن تستردّ دليل رحلة حبّ و تحتكرها وتحفظ تفاصيلها دون أن تكون قيداً يأسرها… “
تروقك قراءة هذه السطور و أيضا للقارئ أن يستمتع بما تقدمه هذه السيدة من وحي و جنون أدبي يشفي الأرواح من كل أسقامها … لذلك يبدو أنّ ملامح ريشة الغد الأولى العملاقة في الأدب …قد بدأتْ تظهر بوضوح على حسناء الجزائر بكل ما تحمله من جماليات و تناقض.

 

 

 

 

 

—————————————————————————————

* فاديا الرفاعي ( صحفية و رسامة لبنانية )

التعليقات: تعليق واحد
قل كلمتك
  1. أيتها الشاعرة، أزكى التحايا لك وبعد:

    حرفك هذا له لونٌ آخر عمّ ألفته، لعلّ كيمياء فعله هي التي أشعرتني بأنني أسمع صرير قلمك وهو يرسم الحروف النازفة.كنتُ أقرأ لك وقد تراءت لي جميع نكبات الشام برائحة الموت التي غمرتني وفاحت في أرجاء المكان.لم تكن كرائحة الياسمين فدمشق قد أصبحت تروّج الموت والزارعون له لا يعرفون طعمه إلاّ بعد تذوقه وفواة الأوان.لك مني ألف شكر.

اترك تعليقا