النقد الطباقي والقراءة الطباقية والمرجعية ( السعيدية ) / قلولي بن ساعد
بواسطة admin بتاريخ 21 أغسطس, 2024 في 03:51 مساء | مصنفة في حفريات | لا تعليقات عدد المشاهدات : 73.

عند الحديث عن النقد الطباقي والقراءة الطباقية  ،  على الناقد والباحث أن يستحضر صوت الناقد  الثقافي الفذ  إدوارد سعيد الذي كان أول ناقد في العالم يؤسس لنوع جديد من أنواع النقد الطباقي المضاد لانساق الهيمنة الغربية في تعاطيها مع الآخر الذي مارست عليه الذات الغربية المهيمنة شتى  أنواع الدونية والاقصاء  ،  حتى ولوكان ذلك من داخل نصوص الاستشراق الروائي بالمعنى الذي يحضر في عمل مهم لإدوارد سعيد هو (الثقافة والإمبريالية ) .

على الرغم من أن مفهوم القراءة الطباقية على مايرى مترجم كتاب (الثقافة والإمبريالية ) الدكتور كمال أبوديب هو مفهوم التباسي .

وكمال أبوديب لا يتجاهل  استخدامات ملفوظ القراءة الطباقية كما تتجلى له في المنظومة التراثية النقدية العربية  بحيث يعود به الى ابن المعتز بوصفه على مقربة من علاقات التضاد بين الكلمات  مثلما يعود به الى نقاد آخرين لا يذكر أسماءهم  ،  ويكتفي بالتعرض للمفردات الدالة على الطباق عندهم على غرار المقابلة والمطابقة لوصف حالات مختلفة من علاقات التضاد بين الكلمات .

وكمال أبوديب يعترف بأنه عندما لم يجد مقابلا مفهوميا محددا إجرائيا لمعنى الطباق اكتفى باستخدام عبارة ( القراءة الطباقية ) كما وردت عند إدوارد سعيد .

كأنه يريد ان يقول بأن مفهوم القراءة الطباقية   ، حتى ولو ورد في التراث البلاغي العربي بمترادفات مشابهة له فهو لم يتأسس من الناحية الابستمولوجية إلا مع إدوارد سعيد من خلال كتابه ( الثقافة والإمبريالية ) عبر  ذلك المنحى  الموسوم عنده بالتأويل الطباقي .

فكل قراء إدوارد سعيد سواء الذين قرأوا له باللغة الانجليزية وهي اللغة التي كتب بها كل نصوصه النقدية  أو مترجما إلى العربية يعرفون كيف مارس إدوارد  سعيد النقد الطباقي وكيف حاول أن يؤسس له على الصعيدين  النظري والتطبيقي  .

مما يعني بأنه بجب على الناقد العربي عندما يحاول الاقتراب من إنتاجية النقد الطباقي .

ونحن نعني هنا (الإنتاجية النصية ) بمفهوم الناقدة الفرنسية جوليا كريستيفا أن يرد ذاكرة هذا المفهوم / مفهوم النقد الطباقي إلى ( إطاره المرجعي ) بتعبير المفكر   محمد عابد الجابري ،  أو على أقل تقدير  أن يعود إليه من أجل وصل المفهوم / مفهوم النقد الطباقي بذاكرته الاركيولوجية بمفهوم فوكو

الكتاب الذي خصصه إدوارد سعيد لعلاقة الرواية الغربية أو رواية الإمبريالية الثقافية بالذات الغير غربية .

وفي هذا الكتاب يؤسس إدوارد سعيد على الصعيدين النظري والتطبيقي لما يسميه بالقراءة الطباقية التي يستقي بعض موادها من عالم الموسيقي آخذا مفهوم الطباق الموسيقي ومحولا إياه من المجال الموسيقي الى مجال آخر هو مجال النقد الثقافي .

لقد كان يرى إدوارد سعيد في القسم الذي خصصه للنقد الطباقي من كتابه ( الثقافة والإمبريالية ) وهو القسم الذي يضع له عنوانا بارزا هو ( ربط الأمبراطورية بالتأويل الدنيوي ) .

 بأن “النقطة الطباقية للموسيقى الكلاسيكية الغربية تتبارى وتتصادم فيها موضوعات متنوعة إحداها مع الأخرى دون ان تكون لأي منها دور امتيازي إلا بصورة مشروطة ” (الثقافة والامبريالية  ص 118 )

ولهذا يكون في منظور إدوارد سعيد حصول نوع من أنواع  ”التعدد النغمي التاتج عن تفاعل يشتق من الموضوعات ذاتها لا من مبدأ لحني صارم يقع خارج العمل ” (الثقافة والامبريالية  ص 118 ) .

الامر الذي مكنه من أن يقرأ رواية الإمبريالية الثقافية  الروايتين الأنجليزية الفرنسية والرواية العربية المضادة في ضوء مكتسبات النقد الطباقي الذي يتقرربحسب سعيد “بالتحرير المجدد للإستعمار والمقاومة عندما تنبثق سرديات بديلة وتصبح ذواتا متمأسسة ومستقرة إنشائيا ” (الثقافة والامبريالية ص118 ) .

وينبغي أن لا ننسى بأن إدوارد سعيد قد مارس الموسيقى عندما كان في فترة الشباب وكان يعتبره الكثير ممن زاملوه في فترة التكوين والدراسة في المدارس البريطانية في مصر أثناء الانتداب البريطاني لجمهورية مصر العربية  عازفا ماهرا على آلة البيانو .

وكتب عن الفكر الموسيقي من منظوره كناقد ثقافي  عددا من الكتب  الرصينة  لعل أهمها كتابه الرائع ( عن الأسلوب المتأخر موسيقى وأدب عكس التيار ) .

وأتذكر بهذا الصدد اني عندما كنت بصدد  كتابة  مقال نقدي مؤثث بما يليق به وبالنص القصصي موضوع النقد من منظور أدوات التحليل الثقافي خصصته للمجموعة القصصية (من  طين وسبعة أرواح )  للقاصة الجزائرية سميرة بولمية .

وهو مقال منشور ضمن فصول كتابنا ( أسئلة النص وأسئلة الثقافة ..القراءة النصية والقراءة الثقافية ) .

كنت قد اقترحت قراءة ثقافية تستمد  أسئلتها النصية والنظرية من فتوحات النقد الثقافي ، في عملية هي

أشبه بتقليب  طبقات النص . ففي الطباق الأول حاولت الولوج إلى أعماق بعض الوحدات السردية الواردة في بعض نصوص المجموعة القصصية لاستجلاء بعض ملامح السرد الثقافي فيها .

علما أن مفهوم السرد الثقافي كما حاولنا توظيفه هنا بحذر شديد دون أن نتوهم حق امتلاكنا للكفاءة التحليلية لآثار”تبيئته ” بمفهوم محمد عابد الجابري في الرحم الإبستيمي  للنقد العربي أي في التربة الثقافية العربية  .

  ليس من نحتنا ولا نحن أول من ستخدمه فهو شديد الشيوع والتداول في بعض سرديات النقد الثقافي .

وليس غريبا بالطبع أن يتصدى ناقد عربي هو الدكتور محمد بوعزة إلى مساءلة بعض الأعمال الروائية العربية من منظور ( السرديات الثقافية ) في كتابه المهم ( سرديات ثقافية من سياسات الهوية إلى سياسات الإختلاف ) .

بينما في الطباق الثاني وهو الطباق الذي يبدوا أنه يتعارض من الناحية الشكلية التي لا معنى لها مع الطباق الأول  عملنا على مناوشة المعنى الكامن في طبيعة ” السردية النسائية ” كما وردت بين ثنايا ( خطاب الأقوال )  أو ( الخطاب المحمول )  بتعبير جيرارجينيت .

ومعنى ذلك أننا اقترحنا قراءة ثقافية لا نزعم أننا نستثمر فيها بعض مفاهيم ” القراءة  الطباقية ” كما قام بنحتها والتأسيس لها نظريا وتطبيقاتيا الناقد المفكر أدوارد سعيد في كتابه الذائع الصيت ( الثقافة والإمبريالية ” ) .

 لأن ذلك يتطلب توفر مدونة نصية سردية كموضوع للقراءة الطباقية تتناص مع الأنساق الثقافية لأسئلة  ما بعد الإستعماروالنتائج المترتبة عن عمليات الاستدماج والمحو الثقافي .

وهوما لم تمكننا منه بعض نصوص مجموعة ( من طين وسبعة أرواح ) .

اترك تعليقا