هَكَذَا سَكَنَتنِي الكَآبَهْ ،
كُنْتُ فِي الابتِدَائِيِّ ،
أَبكِي عَلَى جُندُبٍ ظَلَمَتْهُ الحَكَايَا
تُعَنِّفُهُ نَمْلَةٌ فَظَّةٌ
كُلَّمَا جَاءَ يَسأَلُهَا مِنْ حِنْطَةِ النَّاسِ شَيئًا
وَكَمْ شَرَّدَتهُ الحَكَايَا ،
صَارَ أمثُولَةً لِلخَطَايَا
في كِتَابِِِ القِرَاءَةِ ،
كَم كَانَ يَفجَعُنِي ذَلكَ المَشهَدُ
جُندُبٌ أَسوَدُ ،
تَحتَ نَوءِ العَوَاصِفِ مُرتَعِشٌ ،
ظَهرُهُ مُثقَلٌ بِالرَّبَابَهْ
وَالمَدَى مُظلِمٌ كَالغَيَابَهْ
هَكَذَا ضَيَّعَتنِي الكِتَابَهْ
رَاجِفًا فِي العَرَاء البَهِيمِ
يَدَايَ عَلَى وَتَرٍ يَابِسِ
أُحَاوِلُ تَرنِيمَةٍ لاَ تَجِيءُ
وَأُغنِيَّةً كَالسُّعَال
تَذَكَّرتُ صَيفًا مِنَ الأُنسِ وَالشَّمسِ وَالأُغنِيَاتِ العِذَابِ ،
فَهَل يَذْكُرُ النَّاسُ جُندُبَهُمْ ؟ !
إذْ يُغَنِّي عَلَى شُرُفَاتِ البُيُوت مَسَاءً ..
يُهَدْهِدُ لِبْلاَبَهَا
عَاصِرًا فَرَحَ النَّاسِ مِنْ رُوحِهِ البَائِس
أَيُّهَا الجُندُبُ الْيَتَضَوَّرُ غُبْنًا
وَتَقتُلُهُ المَسْغَبَةْ .
لاَ تَقُلْ
لَيتَنِي نَملَة سَرَقَتْ مِنْ حُقُولِ الرِّجَال
مَؤُونَتَهَا لِلشِّتَاءْ ،
وَلمَ تَنتَبِهْ للشَّقَائِقِ مَزْهُوَّةً ،
أَوْ لِسُونِيتَتِي فِي المَسَاءِ ..
لاَ تَقُلْ لِي
سَأُضرِمُ قِيثَارَتِي
نَخْبَ هَذَا الشَّقَاء .
أَيُّهَا الجُندُبُ المُتَنَبِئُ
أَنتَ أَنَا ،
شَاعِرٌ يَتَوَسَّدُ قِيثَارَهُ فِي خَرَابِ الدُّنَا
تَتَيبَّسُ أَوْصَالُهُ فِي الصَّقِيعِ
وَلاَ يَسْتَكِينُ إلى شَظَفٍ أَو ضَنى
يا أَيُّهَا الجُنْدُبُ المُتَغَطْرِسُ فِي جُبَّتِي
أَنتَ يَا عُنفُوَانَ الصَّبَا
أنَا لاَ شَأنَ لِي بِالبَيَادِرِ وَالسُّنبُلَهْ
يَا أَمِيرَ الغِنَاءِ
أَكُونُكَ أَوْ لاَ أَكُونُكَ
تِلكَ هِيَ المَسألَهْ .
—————————————————————
* أحمد عبد الكريم ( الجزائر )
صورة جميلة الجندب و الشاعر فكلاهما يسعى الى اسعاد الناس و لو اتي ذلك على حياته و راحته و الاجمل ما في هذه القصة انها جاءت بؤسلوب شعري جميل جدا
سليل الشجرة الهاشمية …الشاعر أحمد عبد الكريم .. رائع هذا التشكيل ..
أَيُّهَا الجُندُبُ المُتَنَبِئُ
أَنتَ أَنَا ،..
تنبأ الجندب حين تنبأ الشاعر …صور باذخة المعنى وتميز كبير …جميل جدا
الشعر الصوفي من الهامل قبلة الأولياء ومحج الشعراء ، العبق والبوح الأكيد سلمت أيها الشاعر
غياب طويل للشاعر احمد عبد الكريم منذ تتويجه بالجائزة المغاربية أيام المغفور له الطاهر وطار ، عودة للأعسر ، بعد تغريبة النخلة .. مع موعظة الجندب ..شكرا للجندب الذي أستفزه وللجنيد الذي يغريه …محبتي
شَاعِرٌ يَتَوَسَّدُ قِيثَارَهُ فِي خَرَابِ الدُّنَا
تَتَيبَّسُ أَوْصَالُهُ فِي الصَّقِيعِ
وَلاَ يَسْتَكِينُ إلى شَظَفٍ أَو ضَنى
يا أَيُّهَا الجُنْدُبُ المُتَغَطْرِسُ فِي جُبَّتِي
أَنتَ يَا عُنفُوَانَ الصَّبَا
أنَا لاَ شَأنَ لِي بِالبَيَادِرِ وَالسُّنبُلَهْ
يَا أَمِيرَ الغِنَاءِ
أَكُونُكَ أَوْ لاَ أَكُونُكَ
تِلكَ هِيَ المَسألَهْ .
————————————-
الله ما أعظمها من فلسفة للمعنى أيها الذي يصل النفوس بالمنتهى
انت يا عنفوان الصبا….انت ياعنفوان الشعر و قبلته المتفجرة وهجا شعريا…تلك هي المسألة…تلك هي الكتابة التي تزيدها فيضا وعطاء وسحرا وابداعا…دمت متألقا استاذ.