********
تخرج رأيك للعلن دون مماطلة في تحسس رأي الشارع و توجهات نظام الحكم القائم، لا تضع فكرتك في بارومتر المعارضة ، المعارضة تبحث عن حصان مسرّج بالذهب لتركبه ، لا يهمها فكرتك ولدت بعد مخاض عسير أم لا ، إن لقيت التعب والسهر أم لم تلقى ، المعارضة تعشق أفكار الآخرين لتجعلها لعبة التصادم والضغط لتنال مرادها في إمتيازات الكرسي واهب الخير والحصانة المباعد لشبح التفكير في الحاجات المرتبطة بشخص الطمع ، المعارضة اللباس الأنيق للنظام القائم الذي يقاسمها السياسة دون عقل ولا معرفة ، إنهم وكلائه وممثلوه .
يحدث هذا في ركود العقل دون توغله داخل النفس و في غياب الضمير في الحالات الحاسمة والقضايا المصيرية .
تعمل على إخراج فكرتك و لا يهمك بعد ذلك نجحت أم فشلت ؛ إن خوفنا بالفشل هو الذي يمنحنا التفكير أكثر و يحطّم الرتابة والكسل العقلي ، الفشل هاجس ضروري لكي ننظر للخلف نقتفى أثر خطواتنا الأولى التي وضعناها على الطريق ، واجب النظر للتأكد هل أنمحى دليل طريقنا الأول أم لا زال ، واضح المعالم ننظر إليه قبل غيرنا.
تخرج فكرتك و تعرضها على فئة بعينها و لا تعممّها إلا إذا لقيت قبولا حسنا عند هذه الفئة المتربية على وازع دين أو ضمير أخلاقي واجتماعي لأنها الوحيدة التي يمكنها أن تكون مرآة فكرتك ، حينها لن ترى غير أخطائك أنت وعيوبك، تجد ذلك ممكنا ومريحا ، تسدد رأيك من الرمية و تقارب إن أخطأت، تصيب الأولى وتخطأ في الثانية ، إن تكرار المحاولة تعديل لمنظار التسديد.
تطرح فكرتك على الأقرب منك، فالروح منازل ملتصقة بذاتك ، الروح التي تتآلف مع روحك ، تقصد التآلف الروحي الفعلي إن غابت روحك عن المجالس تمثلـها نظيرتها ، روح الآخر .
إن طرح الفكرة في غير موضعها جناية عليها، فهي بدون أصحابها شعور يضاف لمرارة السقوط وخيبة الفشل. أهل العقل أحبة بدونهم المكان يصير موحشا مقفرّا. إن في غياب العقول النيّرة تصير الأرواح حجارة بعدما كان لها نبض، هؤلاء الذين تشعر بأنك بدونهم شجرة في قفار تحفها الرمال، لا قطرات ماء ، لا رياح موسمية ، هؤلاء هم أقلية العدد يسدون لك النصح يؤازرونك وينصرونك إن كانت فكرتك خيّرة تسعى بها لصالح نفسك قبل غيرك ولصلاح الأقرب منك فالأول فالأول ؛ يرون في فكرتك مصيرهم المشترك، أولئك هم المقتنعون بشخصك وبطموحك لا بما تملك ف وما زاد عن وزنك من مال ومنصب ومتاع وتعلّق بنسبك وقبيلتك ولون دمك و نوعية أصدقائك.
المجتمع خليط معقد من تصرفات و سلوك وظواهر وضعت حوله بحوث و أفكار كثيرة ؛ تنفر نفسك من كثير أفراده ، لا تطيق وجودهم مهما كانوا تركيبة كيميائية في طعامك، تختار الوحدة لأنك في النهاية تحترق بنارهم ، لم تكن يوما شوكا كما كانوا، هم الشوك وجهنم على السواء.
ستحتـّم عليك الظروف و المصالح أن تلتقي بهم و تشتري و تبيع معهم و تدعوهم لكل مناسبة أو فرح تقيمه ، تخالطهم و تتعثر بهم في الأسواق ، بالمساجد تعتدل معهم في الصفوف القدم عند القدم و في الكنائس الكتف عند الكتف و بصوت موّحد ستغني معهم آيات الرب؛ تصبر على وزرهم و تمنحهم الابتسامة العريضة وتجتهد في أن تكون من القلب وتقنع نفسك بالمثول لذلك ؛ هم لا يعلمون حينها ما في قلبك، تكن طيبا معهم في الوقت الذي لم يظهروا لك العداء أو السخرية مما تفعل وتعتقد. تعرفهم يكيلون الفخاخ و الرياء الذي يسكنهم مهما لم يظهروا العداء والسخرية علنا ؛ هؤلاء كثر في المجتمع لأن اللؤم طبع فيهم ، تلتمس لهم العذر حين تفتح أبوابهم لترى دافع البلاء الذي يعانونه ” انعدام أمن مصحوب بخوف ، وفقر مدقع محاط بجوع وفتنة راقصة داخل كل عائلة أفقدت الجميع الثقة ” محتاج أنت لمن تألفه ويألفك ليقاسمك الفكرة و يساعدك في نشرها حتى و إن لم يقتنع بزوايا ما في بنائها ، تدعو من يساهم معك في تعديلها و حب الخير مقصده، تُخْتبر ذاتك بمن يحفك.
تعمل على تخزين بطاريات المقاومة لا تجد من يمدك بالطاقة الجميع يستنفذ طاقتك، مجهودك مع الآخر يجعل من مصباحك مصابيح كلما انظم إليك آخر تكاثرت المصابيح و ازداد الضوء، حينها لا مكان للأشباح التي تستمد حياتها من الأماكن المظلمة في العقول ، يتحول الضوء إلى طاقة هائلة يخدم بعضه بعضا ، تأخذ وتعطي في الوقت ذاته، بمقاومتك تمنح نفسك طاقة ذاتك و طاقة الآخرين ، بالطاقة الكامنة فيك يكون الآخر الضوء جميعه.
تعلم أنك بأفكارك تكون على حقيقتك، سيصعب عليك تجميع الناس من حولك، من السهل تفرقهم عنك، من الصعب أن تبعد الملتصقين بك لكن من السهل أن تلتصق بهم، من الصعب أن تكسب ود من يحيط بك من السهل أن تمنحهم حبك.
بحقيقة أفكارك الصافية الجلية الشفافة، يبزغ نور التغيير على الزيغ يحطم صنم فتن التي ترقب الناس تصطادهم كما يصطاد الوطواط الحشرات.
تقتفي أثر من سبقك تجعل مسيرتهم نصب عينيك ، لا تغتر بكلام السوقة ، تلتزم ما يخدم الإنسان محاربا تجار الدين و الأيديولوجية إنما الذي يفرّق بهذا الانتساب فئة تتستر به كغطاء لتحجب حقيقتها البشعة الجشعة النهمة للربح في جعل التصادم الدائم للديانات فتكثر الحروب ويعم الفساد ويعلّب الموت و يصبح لعبة الكبار و الصغار . الحكمة تعلّم صاحبها أن يقتفي أثر النهج السليم، تسلكه آمنا يوصلك لشاطئ النجاة ؛ العيب الكبير و الخطأ الجسيم لو تتبع هوى خطأك فيوقعك في الهلاك المحتّم ، إن كان لك أنف من كبرياء فلا تجعله في غير موضعه لأنك بذلك تهان مرتين ، إنما العدو الكيّس آخذ من عدوه محترس منه على عموم الحذر يقلّده في الصنع و يعانده في الابتكار إن حصل على مراده.
الكبرياء في المعرفة مصيدة وقبر لذلك تفسر ذاتك من خلال غيرك فتجتهد آخذا بأسباب النهوض .
لماذا تختار طريقا جديدا لأفكارك في حضور الآخر الحتمية القسرية ؟ الجواب قد تقرأ أو تصادف تجربة إنسانية عميقة صادقة النية وتجد نفسك تتنازل عن أفكارك، أحيانا تجد ما تكتبه لا يعدو على أن يكون إعادة لما قيل مختلف في الصياغة فقط.
ركب الأوائل سفينة نوح و هم الأسبق في كل ما يَجتهدُ فيه اليوم لأن فيهم الأنبياء والعلماء و الحرفيين، حقائق نصل إليها اليوم من خلال تجاربهم داخل مجتمعاتهم الممزقة الأواصر والعلاقات.
تصل لتعريف المفاهيم انطلاقا من مفاهيم الأوائل الذين سبقوك، تبني الجديد على ما خلف القديم، تجد نقاط البداية جاهزة ، ببساطة لقد كانوا هم الأقرب للحقيقة لأنهم هم الأسبق في الوجود .
طريق آخر مختلف تتصل بالآخر من خلاله، الآخر هنا حياة كاملة لمجتمع يخفي في تاريخه بذور الوجود و الفناء معا.
كذلك يضرب المثل بك حين تنتهي دورة حياتك ليأتي جيل يجعلك آخر يتصل بك من خلالك ولو كنت مستترا في التاريخ.
الامتزاج في الحياة القصيرة