الرسالة الرابعة عشر
الكشف في التعرية
********************
لتحقيق و تحصيل المعرفة التي تمكّننا من رؤية طريق الحقيقة ولأجل الوقوف على عتباتها لتمنحنا لذة الدخول يجب الحذر من السؤال باب غواية البحث لأنه فخ يورّط صاحبه في شراك اللعبة الممتعة و المتعبة.
السؤال مهم بطبعه، يحمل مفتاحا داخله في انفلات إحالة وفي الانتقال خلق لحلول ما هو موجود في حياتنا الاجتماعية و السياسية والفكرية إلى ما هو غير مفقود فمن أجل إيجاد آلية للتفكير تمنحنا الخروج من دائرة الجمود والارتقاء إلى مراتب حضارية أسمى ، قد يكون السؤال جرس تنبيه للخطر للوضعية التي بات الفكر يشغلها ، من خلال السؤال يلج ضوء المبادرة ، يخلق برزخا يفصل الداخل عن الخارج ، المتحرك عن الثابت والمتسع عن المنحصر.
السؤال يرفد وجوه الاحتمال على طبيعة القادم الآتي، أصيلا كان أم دخيلا و مهما تداخل التشابه في موضوعه إلى حد عدم قدرة التفريق والوقوع في موقف الرجوع إلى منطلقاته الأولى بطرح التكرار لتحديد معالم الموضوع و تأشير مسلك الانتقال إلى المقصد إلا أنه يبقى عتبة أي مبادرة فكرية ومدخلا مُهِما لكل مسألة وموضوع، ممارسا الضغط بحيرة متنقلا في نظام يتوازن مع العقل و الشعور معا، كابسا على الإحساس ناقلا حالات الوجدان من الاستقرار و اليقين إلى عالم من الفوضى والتوتر.
إنه الحضور المغيّب لكل رضا داخل الذات خارج نطاق التفكير، دافعه غير عدمي أو عبثي لأنه يزاحم الجاهز فارضا فكرة التنوير التي تعني خروج العقل عن عجزه المباشر إلى حل ما هو معقد وغير متاح.
إذا لا تترك وجود ك للفراغ وحافظ على فرصة البحث والتثبيت للسؤال، مقتنعا بالتحوّل مخليا العقل من مسائله التافهة إلى ماهو عابر من مسائل جديدة تشغل الراهن .
تفتح تفكيرك للوافد الجديد من السؤال بداية بريق، ينتعش العقل بالتأمل في غابات المعرفة القصية، تحمل الاستفهام الكبير دون الاسترسال في الممل راسما لإستراتجية الانتقال لتأكيد سلطة التأثير، تلبس عقلك حجج مجابها كل عقل رافضا التخلي عن تقليد يديم الثابت، تُسقط النظرة الأحادية ، تواجه ركودا و خمولا.
السؤال يعري المشكلات مهدّما المألوف عارضا الغريب لأن الذائع صنم الأغلبية . تصل لمرحلة الفهم الحقيقي حين تخلي البراهين من الذاتية التي تصنعها أفكار الأنانية، تتخلص من شوائب النفع الملتصقة بهوى الرغبات.
الاستمرارية في الحياة تطرح لنا مشكلات نصل بها إلى الاكتفاء و تحقيق نسبة الكمال، ألا ترى كيف الحروب تمنح الأطباء مناصب شغل و تجريب على أجساد الموتى كشفا للدواء، من ألآم الجريح يكتسب العالم عافيته.
السؤال هو حق البحث عن المستحيل المتخفي في المحال ففي اختراقه الراهن يتنفس الجواب وتترعرع الحلول في كنفه، السؤال نعيم باقي بقاء الشقاء الإنساني.
—————————————————————————————————–
* خالد ساحلي ( كاتب من الجزائر )