الفايسبوك سرير التحليل النفسي الجديد ..” اللايكات الحبيبات تبهجني كل يوم” لطيفة لبصير *
بواسطة مسارب بتاريخ 24 أغسطس, 2016 في 09:03 مساء | مصنفة في حفريات | تعليق واحد عدد المشاهدات : 2406.

هل يمكن اعتبار الفايسبوك علاجا نفسيا للكثير من الاضطرابات اليومية، بحيث يعوض سرير فرويد وأريكته التي كان المشتكي يتحدث فوقها دون انقطاع عن ذاتيته الخاصة، أم أنه فوضى اجتماعية لها تداعيات أخرى على الذات والجماعة؟

الفايسبوك سرير حر

لا شك أننا في حاجة إلى كلام كثير هذا ما ينتج عن الحياة اليومية، من صدأ اللاتواصل والخناق النفسي. ولأننا كذلك، فنحن في حاجة إلى سرير يجعل حياتنا اليومية أكثر تعديلا ، هذا السرير الذي لا ينتج عنه تدخل من قبل المحلل النفساني والذي يقوم فيه بدراسة خطاب المتكلم وتحليله ثم تحويله إلى خطاب أخير يعمد فيه إلى نقل المتكلم إلى وضع آخر. إنه السرير الذي لا يفترض رقابة قصوى من الآخر، ولذا هو السرير الحر الذي يحتاجه كل فرد للحديث عن ذاته، فلا غرابة أن نجد محكيات صغرى عن الذات وكأنها تريد أن تحكي للآخرين الحياة التي تمر، وكأنها تود القول بشكل آخر، أننا اليوم لكي نحيا سعداء، ينبغي أن نعيش في العلن.
من الغريب أيضا أن نجد أن هذا السرير الذي يستلقي عليه العديد من الأفراد، قد أنجزت حوله العديد من الأبحاث والدراسات والاحصائيات التي تتحدث عن مرتادي الفايسبوك. ومن المؤكد أيضا أن تختلف هذه الأبحاث حول جدواه أو لاجدواه، ولكن الأهم في كل ذلك أن وجود هذه الدراسات يثبت أن الفايسبوك أصبح حياة أخرى ولا مناص من الانفلات منه، لأنه “الدودو” الجديد لهذا العصر، ولذا يهدهد العديد من الأشخاص وقد عمد الباحثان “ألكسندر دي ايزنار” و”توماس زيبر” إلى إصدار كتاب طريف يحمل عنوان “الفايسبوك قتلني”، يتحدثان فيه عن الفايسبوك الذي قتل العلاقات الاجتماعية لأنه أصبح يعوض التواصل الواقعي بالتواصل الافتراضي، كما أن الحياة الخاصة أصبحت حياة عامة، ولكن رغم ذلك تشير العديد من الأبحاث النفسية أن الفايسبوك يمكن أن يكون علاجا ذاتيا للعديد من النكسات الفردية لأنه يجعل الفرد بمنأى عن العدم

اللايكات الحبيبات

لا يمكن أن ننسى التأثير الذي يشعر به إنسان وحيد يعاني من الاهمال اليومي في علاقته الواقعية، ولذا يلتجىء العديد من الأفراد إلى الفايسبوك لأنه لا يهتم بشكل كبير بالشكل الفيزيائي أولا، ثم إنه يستطيع عبر الكلام أو اللايكات التي يضغط عليها مرتادو الفايسبوك، أن يصبح شخصا آخر له حضور خاص، ذلك أنه يجمع حصاد اللايكات الحبيبات كل يوم، ما يمكن أن يحقق له جاذبية ربما غير موجودة في واقعه الشخصي، وحبذا لو امتلك إضافة إلى صورته التي يكون فيها الكثير من التزوير طبعا، أجمل الكلام، فإن ذلك الكلام سيؤثر على مصيره الفايسبوكي فيصبح شخصا آخر بواسطة اللايكات التي تضاعف من حضوره اللذيذ، ولذا فإن الفايسبوك يصبح صديقا افتراضيا قاهرا لعزلة الكائن المنبوذ في حياته الاجتماعية، غير أننا لا ننكر أن العديد من الأشخاص لهم وجود واقعي وافتراضي في آن، ووجودهم الافتراضي لا يمنع من وجودهم الواقعي، فهم ينتقلون بين العالمين بخفة دون الكثير من الترسبات، ولكننا هنا نتحدث عن الكائنات التي لا تحقق التواصل الواقعي بشكل إيجابي، فيعمد الفايسبوك إلى الرفع من معنوياتها خاصة وأن هذا العالم يطرق العديد من أشكال العلامات الكاذبة طبعا بالاتفاق مع الشخص الذي يرتاد الفايسبوك. فنجد الفايسبوك وهو يمنحك القدرة على أن تصبح أنت الرسام الشهير” ليوناردو دافينشي” في الزمن الماضي أو الممثلة “مارلين مونرو” في جمالها، أو أن تتصدر صورتك مجلة شهيرة عالمية سواء في الجمال أو العلم أو المعرفة دون أن تغير مكانك أو تبذل أي مجهود كطاقة إيجابية يمكن أن تحدث تغييرا حقيقيا. كل هذا الكذب الجميل الذي يوهمك فيه بيت الفايسبوك يجعلك محبا للحياة أكثر وحاضرا في أشكال جديدة من التواصل الجميل ورغم أن الشخص يعرف أن الفايسبوك يكذب، إلا أنه يصدقه لأنه في حاجة إلى التصديق، فهو يمنح حياة أخرى تسير على قدميها في رواية نسجها الخيال. ومع أننا نعرف أن الفايسبوك يلتجىء إلى هذا النوع من الانزياحات في الحياة العامة لكي يختلق للآخرين ملكا وهميا أو أسطورة بائدة، إلا أنه يحقق الفرح للكثير من الأشخاص، رغم أن هدفه هو هدف آخر؛ ألا وهو الابقاء على اهتمام معشر الفايسبوكيين لأنهم يتيحون له الاستمرارية التي يحقق منها ثروة طائلة. ولكن ما السر الكامن وراء هذا الالتفاف والألفة المشعة داخل هذا البيت الأزرق الذي تدخله الشمس والريح ويسقط فيه المطر، ولم هذه الصلة بالرحم الفايسبوكي، فكأن الجميع أسرة أخرى تنامت في حضن كبير؟

الفايسبوك عدوى عاطفية

مما لا شك فيه أن للفايسبوك لغة خاصة به، وهو بما يضمره من مشاهد صغرى تمثيلية للفرد، فإن هذه المشاهد مهما صغر حجمها تعبر عن عاطفة ما؛ سواء الفرح أو الغضب أو الحزن أو الحب أو الجنس واللائحة تطول. ومن الغريب في هذه المشاهد الصغرى أنها في كثير من الأحيان تمارس تأثيرا على بعضها حيث تبدو العواطف وكأنها انغمست في مداد واحد بحيث تصبح شبيهة ببعضها، وكأنها تتدفأ بهذا التشابه، فنجد العديد من المشاعر يتقاسمها العديد من الأشخاص وخاصة الأشخاص الذين يقتدون بالغير، ذلك أننا نمتلك خلايا عصبية مرآوية تلتقط العواطف الغيرية وتتقمصها. ويرى جوستاف لوبون في كتابه “سيكولوجية الجماهير” أن التقمص العاطفي يأتي من كبت غريزتنا، لأن كل العواطف الدينية والسياسية والفكرية والعدوانية لا يستطيع الفرد أن يتجاوز فيها الجماعة، ولذا فإن سلوك الأفراد يهمين فيها اللاوعي بشكل كبير جدا. غير أن هناك أناسا يدعمون أفكارا فردية خاصة ولكنهم لا يمثلون الأغلبية، ذلك أن الأغلبية في حاجة إلى هذه التدفئة الجماعية التي تمنح حياة أخرى، ولذا فإن العديد من الأشخاص يثرثرون على الفايسبوك كي يفرزوا علامات جديدة، فلم كل هذه العوالم الجديدة؟

ثرثرة في الفايسبوك تداعيات نفسية

من المؤكد أن مرتادي الفايسبوك يثرثرون كثيرا، فهم ليسوا في حاجة إلى نص منظم مبنين بشكل جيد على مستوى البناء اللغوي، ولا يهم أن يكون نصا قابلا للنشر، فهو نص أنتجه شخص في حالة التعبير عن ذاته أو رأيه تجاه ما يحدث سواء في محيطه الصغير أو في وطنه، ولذا فإن هذا النص الذي ينتجه يكون مجرد علامات تسمح بتكوين مجتمع آخر داخل مجتمع واقعي ويرى الباحث “ابيير جييو” في مقاله، “فهم الفايسبوك” بأن الثرثرة واللعب والسخرية عن الذات هي شكل من أشكال التواصل العام، ذلك أنها تفرز علامات أخرى للتواصل يكون الفايسبوكيون قد تربوا على فك شفراتها. ولذا هي تتمظهر كأشكال جديدة من أشكال التعبير دون أن يكون لها قيد الخوف من الرقابة، وتختلف من شخص لآخر، فالبعض يعبر بشكل رومانسي عن الحب والبعض الآخر يعبر بشكل جنسي والآخرون يكرهون الحب، لذا هم يرفضون بالأمثال أو الحكم أو الفيديوهات أو التجارب الغيرية وهي كلها علامات وطقوس جديدة يعبر بها الفرد عن وجوده ضمن هذا العالم

الفايسبوك يجعل الحياة محتملة

يرى صاحبا كتاب “الفايسبوك قتلني” بأن العديد من العمال كانوا يتداولون حيوات أخرى على الفايسبوك غير ما يعيشونه، وهو ما يجعلهم سعداء وهم في طريقهم إلى العمل، ذلك أن الفيديوهات الساخرة والنكات التي تمنح الحياة معنى آخر تقدم حقيقة أخرى. ولذا فإننا نلاحظ نحن أيضا أن العديد من الكائنات الافتراضية هي غير ما هي عليه في الواقع، ذلك أن وجودها الافتراضي يمنح الكثير من السعادة، في حين يقدم وجودها الواقعي شخصية أخرى هي الأقرب إلى الحقيقة الواقعية، مليئة بالضجر والحزن والملل، وهنا يكمن الاشكال، ذلك أن أغلبية مرتادي الفايسبوك يحلمون بشكل أفضل لحيواتهم الفردية، لذا هم منشغلون بإنجاز صور تمثل السعادة وتقدم ابتسامات لافتة عريضة، كما أنهم ينشرون السعادة المفترضة التي قد تصبح معدية، في حين لا يشعر بها الفرد الذي يمثلها، ولذا فليس من الضرر العيش بواسطة التزوير العاطفي ما دام أن هذا الأخير سيفرض ذاته يوما ما ويملأ الكائن البشري بالوجود المبهج أمام ما يحدث من تحولات في الواقع ويرى علم النفس الايجابي أننا في حاجة إلى السعادة، ذلك أن العواطف السلبية تؤثر بشكل كبير على الصحة الفيزيائية والعقلية، ولذا فإننا في ظل ما نعيشه من اكتئاب ومن ارتداد نحو الداخل؛ خاصة سلوكيات العصر الجديد المليئة بالانتكاسات اليومية، نكون في حاجة أمس إلى دراسة الكائن الذي ليس على ما يرام، لمعرفة حالته الروحية وتوفير الطرق التي تجعل منه كائنا مبتهجا، ينشد الصحة النفسية

أولا واخيرا.
الفايسبوك يقول كل شيء

يقول الفايسبوك كل شيء وكأنه ينقل الضغينة والحقد والحسد إلى عالمه الأزرق، ولا شك أن العديد من الأسرار الخاصة ينقلها أيضا وكأنه يشفي غليله من بعض الأشخاص، ولذا تتسرب بعض الالتقاطات الخاصة للحيوات الفردية سواء في لحظات حميمية أو في لحظات شاذة وهو ما يمكن أن يؤثر على الشخص الذي يتم الحديث عنه ويصبح موضوع التداول العام. ولا غرابة إن وجدنا أن العديد من الأشخاص هم أنفسهم يعرضون كل أوضاعهم الجنسية والحياتية في الفايسبوك وكأنهم أسرة عامة، لذا وجب التمييز بين ما ينبغي أن يقال وما لا ينبغي أن يقال، ذلك أن العديد من الأسرار هي جميلة لأنها كذلك وعذبة في حميميتها مهما اختلفنا مع الآخرين، لأنها في النهاية تؤذي أطرافا أخرى ويمكن أن تؤدي بها إلى الهلاك.
الفايسبوك عالم خصب، ينبغي أن نجعل منه علامة للضوء في العتمة ونحوله إلى حياة اخرى، وأن لا نبالغ في قسوته، لأنه حياة نفسية جديدة، فقط نستنشقها باعتدال.) 

  

* قاصة وباحثة من المغرب 

التعليقات: تعليق واحد
قل كلمتك
  1. اشكرك وانا سعيد بمعرفتكان هدا الفضاء خقيقة يمكنناان نتعرف على اناس ربما لم يكن بمقدورنا ان نتعلرف عليهم ادن هدا العالم ادا كان الانسان بثقافته وشخصيته ربما يجد ضالته ربما قد يجد زوجة لها خصائص يبحث عن صفات وشخصية نعينة لها معيير ويمكننا ان نتكلم بكل الحرية وقد يكون له منحى عكسي مثلنشر صور اباحية او فيديوهات اباحية هدا ليس عيب ولكن هده امراض نفسية وكنت مرة علقت على صورة لفتاة وبكل صراحةلم اقمعها ولكن كنت صداقا معها الم تعرفي ان جسدك تعرضينه للبع واصبحت جارية فانت اصبحت بضاعة وتم تشيئ خصالك واداميتك تم تشيئها لم تعدي انسانة لها فكر لها شخصية لها مقومات ادن مادا تحصلين عليه بعد نشر هده الصور ولم تعد تنشر هده الصور تشرفت بالتعرف عليك وادعوك الى صداقة عادية على مستوى تبادل الاراء والافكار على موقعي على فايسبوك bari ncer فالصفحة مفتوحة لكل جديد تريدين ان توصبيه الى اصدقاء للفائدة وتعميمها وكدلك ادعو ك الى المساهمة في صفحة على الفايسبوك انا انشاتها مواجهة صفقة القرن وهي مفتوحة لابداء اراء وتحاليل حول صفقة القرن والتصدي لها متقبلي فائق اختراماتي

اترك تعليقا