رواية جزائرية بسقف عال / عبد القادر شرابة
بواسطة admin بتاريخ 2 يناير, 2025 في 12:32 مساء | مصنفة في حفريات | لا تعليقات عدد المشاهدات : 52.

الأقبية المتسخة هي الرواية الأولى للصحفي والشاعر والروائي الجزائري بلقاسم مسروق. صدرت عن دار الوطن اليوم بالجزائر في 2019، وجاءت موزعة على 204 صفحة من الحجم المتوسط.

عنوان الرواية (الأقبية المتسخة) أحالني إلى (قبو العباسيين)، وهو عنوان رواية للكاتبة السورية هيفاء بيطار، والتي تتقاطع في كثير من أحداثها خاصة وان الروايتين تتحدثان في كثير من مساحتهما عن علاقات جنسية، خفية ومشبوهة .

أما الشخصية المحورية في الرواية رشيد المراسل الصحفي القاطن بقسنطينة، فقد أحالني مباشرة على رشيد عياد بطل رواية شرفات الكلام لمراد بوكرزازة، فهو أيضا صحفي بإذاعة سيرتا، ويقطن بحي بومدوس بقسنطينة، وبرزت لي المقابلة الغريبة بين عنواني العملين: (الأقبية المتسخة) و(شرفات الكلام)، تقابل رهيب؛ فمراد بوكرزازة يسرد علينا في شرفات الكلام سيرة رشيد عياد (سيرته) العلنية بعيدا تماما عن الجنس، أو ما يمكن أن يخفيه، أما بلقاسم مسروق فيسرد علينا سيرة رشيد(سيرته؟!) المخفية المليئة بالمغامرات الجنسية بدءا من عربدة جده العياشي وانتهاء به. مقابلة يختصرها التضاد الرهيب بين (الأقبية) و(الشرفات).

حين وصلت إلى نقطة النهاية في الأقبية المتسخة؛ وجدتني أتساءل: هل فعلا انتهت الرواية هنا؟ وهل الرواية مجرد سرد لعلاقات رشيد النسائية الكثيرة، والتي كانت علاقته بزكية هي القصة المحورية التي تدور حولها باقي القصص وتساندها، والتي بدأت هكذا( زكية جعلت مني رجلا آخر يختلف عن ذاك الذي كنته في صباي جعلت مني مجنونا…) (ص2) وانتهت ب( إنه ( لبناني) تزوج أستاذة أدب عرببي في جامعة قسنطينة تعرف عليها في أحد الملتقيات ببيروت وكان على علاقة بها منذ فترة وكانت تراسله ويراسلها…اسمها زكية خل…)(ص204)

لماذا شطر الكاتب ألقاب بعض الشخصيات واكتفى بذكر حرف أو حرفين منها ( زكية خل…) مثلا ؟! هل هذه الشخصيات حقيقية؟ أم هو يقصد أن يدخل الريبة والشك في نفس المتلقي؟… الأكيد أن الكاتب يعلم جيدا مقدار المتعة التي يخلفها البحث الحثيث الذي يشغل القارئ نفسه به في محاولة فصل الأحداث الحقيقية عن الخيالية في النص. وبذلك تصير المتعة متبادلة؛ بمعنى أن بلقاسم مسروق يستمتع أيضا بلعبة الألغام المزروعة هذه.

دعوني أواصل تساؤلاتي: هل تصرفات البطل وباقي شخصيات الرواية الأخرى مرضية وتحتاج إلي علاج ؟

وهل يتمتع رشيد بنزعة إنسانية عظيمة مكنته من محاربة الوحدة التي تحاصر حد القتل النساء اللواتي عرفهن؟

أم هو مجرد طائش لا يهمه غير إشباع رغباته و نزواته الجنسية؟

وإلى أي مدى من التحرر وصل رشيد؟

أي صورة للمرأة يمكن أن تخرج بها من هذه الرواية؟

ولماذا يسرد علينا بلقاسم مسروق هذه السيرة القذرية الواقعية المخفية في مجملها، والتي تخللت بعضا من مساحتها الفكاهة والكوميديا السوداء ؟

هل مازال القارئ الجزائري (بينه وبين نفسه) يهوى هذه الكتابة المعبرة عن الكبت والعربدة؟

للإجابة ولو على بعض هذه الأسئلة ؛ أعتقد أن من الواجب العودة إلى الرواية والوقوف عند بعض النقاط  والأحداث بعينها

اترك تعليقا