قراءة في رواية حفنة وجع للدكتورة فضيلة بهيليل / المختار خالد حميدي
بواسطة admin بتاريخ 23 فبراير, 2025 في 10:05 مساء | مصنفة في حفريات | لا تعليقات عدد المشاهدات : 118.

حفنة وجع بل هو وابل من وجع انهمر من يراع المبدعة الدكتورة فضيلة بهيليل بسلاسة وحرف عبق يجعلك تتشبث بالأمل في نهاية تزيل ركام سنين من ألم طحنت قلب زينب وشخوص تلك الرواية العبقة وربما جعلتك عنصرا منها منغمسا في وجعها مستخرجا من مسارك بعض ذلك الذي دفنت يوما لتنساه فاذا هو اليوم يخرج إليك ماردا من خلال حروف رواية حفنة وجع

رواية ترجمت عنوانها وعصرت ارهاصات ايامها بما حبلت به من آلام قاسى منها ابطالها كل حسب طبيعته ومازُرع فيه غصبا عنه فأحدث في مساره أثرا وبدل خلقه خلقا أخرا أثرى على من حوله

تنطلق الاديبة من حياة زينب تلك المخلوقة المصدومة منذ ولادتها بفقد أغلى حضن يمكن ان يركن إليه وليد ويشعر بالدفء والأمان هكذا هي الظروف تبعدنا قصرا عمن نحب وزاد الوجع قرب ذلك الحضن وبعده في نفس الوقت فليس سهلا ان تحرم غصبا عنك وبارادة البشر من دفئك وان ينتزع منك أمنك انتزاعا لتذروك الرّياح عدما وخواء يسكنه وجع ينخر أناك ويتلبسك كمارد من جان لا يهدأ وتتكالب علىك الصروف بمحيط قاس قساوة تلك البيئة التي اكسبت اهلها غلظة نتيجة ما سُقوا من حرمان وماسلطته عليهم بيئتهم وطباع أهلهم وطقوسهم من ألم استحال عقدا مزمنة تتحكم في تصرفاتها وتوجهها بما يرضي غرورها في محاولة اخفاء كبتها

يتمدد الوجع كأخطبوط ليلتف حول رقاب تلك الشخوص يلسعها بسوطه فلا تجد مفرا منه الا إ‘ليه بمشاركة بعضها البعض ألامها من مبدأ إذا عمت خفت

تتابع احداث الرواية راصدة ذلك السوط وفعله على اجساد هدها الألم وفرقها الحرمان ومزقها الحنين الى بعضها الذي فقدت عنوة بقساوة مبالغ فيها ليبقى الموجوع واهنا يتلقى المعاملة القاسية كقدر عليه لا يستطيع له دفعا ورغم ذلك يلوح في الافق بعض بصيص أمل زرعته الكاتبة حلما يتتبع القارئ مساره أملا ان يجد له مخرجا من حفنة الوجع الى سعادة جعلتها الكاتبة باسلوبها حلمه يتلمسه من بين سطور تلك الرواية القاتمة احداثها الموجوعة شخوصها يسطع حينا ويخبو اخرى وبين خبو وسطوع تختلج انفاسك وهي تتبع ذلك السّراب الذي بنت عليه زينب حلمها وجعلت منه نقطة لاتحيد عنها ابدا علّ دعوات أمها المكلومة بلقائها بعد عمر ان يتحقق بعودتها على صهوة جواد فارس من زمن الشهامة يكسر سوط الوجع الذي انهك ذلك الجسد الواهن واشحب ذلك الوجه الذي كان نظرا يوما ما و يعيد لذلك الحضن الذي سكنه الصقيع دفأه

وبعد الوهم تنقلنا الكاتبة باسلوب سلس الى مزرعة الامل ليتبدد ذلك التراكم المقيت ويحيا الأمل في عودة الحياة الى عزفها لتحدث بدأ آخر وينبثق من الظلام فجرا جديدا معلنا ان مع العسر يسرا وان بعد الضيق فرج وان بعد الفراق لقاء يزهر ربيعا

كانت هذه قراءة بسيطة لرواية الدكتورة فضيلة قرأت فيها وجعها الذي بثته بين سطورها واشركتنا تجرع سوطه يلسع أنانا ليعصره مستجيبا بزفرات انفاسنا من سوط ما بذر فينا على مدى مسارنا في هذه الحياة وبذلك اجبرتنا كاتبتنا على التفاعل مع احداث روايتها تفاعلنا صادقا شاركها ترحها وفرجها بانبلاج نور الامل في حياة افضل بعد بعد ليل ممطر وجعا .

 

 

 

اترك تعليقا